فصل: (سورة ص: الآيات 49- 52):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ غيرهم: على الواحد واخر.
{مِن شَكْلِهِ} مثله {أَزْوَاجٌ} أصناف من العذاب والكناية في شكله راجعة إلى العذاب في قوله هذا.
وأما قوله: {هذا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ} قال ابن عبّاس: هو أن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع قالت الخزنة للقادة {هذا} يعني الاتباع {فَوْجٌ} جماعة {مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ} النار، أيّ داخلوها كما دخلتم.
فقالت السادة: {لاَ مَرْحَبًا بِهِمْ} يعني بالأتباع {إِنَّهُمْ صَالُواْ النار} كما صليناها، فقال الاتباع للسادة: {بَلْ أنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا} أيّ شرعتم وسننتم الكفر لنا {فَبِئْسَ القرار} أي قرارنا وقراركم، والمرحب والرحب السعة، ومنه رحبة المسجد.
قال أبو عبيدة: يقول العرب للرجل: لامرحبًا بك، أي لا رحبت عليك الأرض، أيّ اتسعت.
وقال القتيبي: معنى قولهم: مرحبًا وأهلًا وسهلًا، أي أتيت رحبًا وسعة، وأتيت سهلًا لاحزنًا، وأتيت أهلًا لاغرباء، فأنس ولاتستوحش، وهي في مذهب الدعاء كما تقول: لقيت خيرًا، فلذلك نصب.
قال النابغة:
لا مرحبًا بغد ولا أهلًا به ** إن كان تفريق الأحبة في غد

{قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هذا} أي شرّعه وسنّه {فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النار} على عذابنا.
وقال ابن مسعود: يعني حيات وأفاعي.
{وَقَالُواْ} يعني صناديد قريش وهم في النار {مَا لَنَا لاَ نرى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ الأشرار} في دار الدُّنيا، يعني فقراء المؤمنين {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا}.
قرأ أهل العراق إلاّ عاصمًا وأيوب: بوصل الألف، واختاره أبو عبيد قال: من جهتين:
أحديهما: أنّ الاستفهام متقدم في قوله: {مالنا لانرى رجالًا}.
والأُخرى: أنَّ المشركين لم يكونوا يشكون في اتخاذهم المؤمنين في الدُّنيا سخريًا، فكيف يستفهمون عمّا قد عملوه. ويكون على هذه القراءة بمعنى بل.
وقرأ الباقون: بفتح الألف وقطعها على الإستفهام وجعلوا {أم} جوابًا لها مجازًا: اتخذناهم سخريًا في الدُّنيا وليسوا كذلك، فلم يدخلوا معنا النار.
{أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبصار} فلا نراهم وهم في النار، ولكن احتجبوا عن أبصارنا.
وقال الفراء: هو من الاستفهام الذي معناه التعجب والتوبيخ، فهو يجوز باستفهام ويطرحه.
وقال ابن كيسان: يعني أم كانوا خيرًا منّا ولانعلم نحن بذلك، فكانت أبصارنا تزيغ منهم في الدُّنيا فلا نعدهم شيئًا.
أخبرنا أبو بكر الحمشادي قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن مسلم قال: حدثنا عصمة بن سليمان الجرار عن يزيد عن ليث عن مجاهد {وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نرى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ الأشرار}.
قال: صهيب وسلمان وعمّار لانراهم في النار {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} في الدُّنيا {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبصار} في النار {إِنَّ ذَلِكَ} الذي ذكرت {لَحَقٌّ} ثم بيّن فقال: {تَخَاصُمُ} أي هو تخاصم {أَهْلِ النار} ومجاز الآية: أن تخاصم أهل النار في النار لحق {قُلْ} يا محمّد لمشركي مكة {إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ} مخّوف {وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله الواحد القهار رَبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا العزيز الغفار قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ} يعني القرآن.
عن ابن عبّاس ومجاهد وقتادة، وروى معمر عنه يوم القيامة، نظيرها {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النبإ العظيم} [النبأ: 1- 2].
{أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بالملإ الأعلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} في شأن آدم وهو قولهم حين قال الله سبحانه لهم: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: 30] الآية هذا قول أكثر المفسرين.
وروى ابن عبّاس عن النبي عليه السلام قال: «قال ربّي: أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى يعني الملائكة؟ فقلت: لا قال: اختصموا في الكفارات والدرجات، فأما الكفارات: فإسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة: وأما الدرجات: فإفشاء السلام، واطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام».
{إِن يوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}.
قال الفراء: أن شئت جعلت إنما في موضع رفع، كأنك قلت: ما يُوحى إليَّ إلاّ الانذار، وإن شئت جعلت المعنى ما يوحى إليَّ إلاّ لأني نذير مبين.
وقرأ أبو جعفر إنما بكسر الألف، لأن الوحي قول.
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ استكبر وَكَانَ مِنَ الكافرين قَالَ يا إبليس مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وفي تحقيق الله سبحانه وتعالى التنشئة في اليد، دليل على أنه ليس بمعنى النعمة والقوة والقدرة، إنما هما وصفان من صفات ذاته.
قال مجاهد: اليد هاهنا بمعنى التأكيد، والصلة مجاز لما خلقت، كقوله سبحانه: {ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ} أي ربك، وهذا تأويل غير قوي، لأنه لو كان بمعنى الصلة فكان لإبليس أن يقول: إن كنت خلقته فقد خلقتني. وكذلك في القدرة والنعمة، لاتكون لآدم في الخلق مزية على إبليس وقد مضت هذه المسألة عند قوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ}.
قال: العرب تسمي الاثنين جميعًا لقوله سبحانه {هذان خَصْمَانِ اختصموا} [الحج: 19]، وقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ المؤمنين} [النور: 2] قال: هما رجلان وقال: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4].
{أَسْتَكْبَرْتَ} ألف الاستفهام تدخل على ألف الخبر {أَمْ كُنتَ مِنَ العالين} المتكبرين على السجود كقوله سبحانه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأرض} [القصص: 4].
{قَالَ} إبليس {أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فاخرج مِنْهَا} أي من الجنّة.
وقيل: من السماوات.
وقال الحسن وأبو العالية: أيّ من الخلقه التي أنت فيها.
قال الحسين بن الفضل: وهذا تأويل صحيح، لأن ابليس تجبّر وافتخر بالخلقة، فغيّر الله تعالى خلقه فاسودَّ بعدما كان أبيضًا وقبح بعدما كان حسنًا وأظلم بعد أن كان نورانيًا.
{فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} مطرود معذّب {وَإِنَّ عَلَيْكَ لعنتي إلى يَوْمِ الدين قَالَ رَبِّ فأنظرني إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المنظرين إلى يَوْمِ الوقت المعلوم} وهو النفخة الأولى {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين قَالَ فالحق والحق أَقُولُ}.
قرأ مجاهد والأعمش وعاصم وحمزة وخلف: برفع الأول ونصب الثانية على معنى فأنا الحقّ أو فمنّي الحق، وأقول الحق.
وقال الباقون: بنصبهما.
واختلف النحاة في وجهيهما، قيل: نصب الأول على الإغراء والثاني بايقاع القول عليه.
وقيل: هو الأول قسم، والثاني مفعول مجاز قال: فبالحق وهو الله عزّ وجلّ أقسم بنفسه والحق أقول.
وقيل: إنه أتبع قسمًا بعد قسم.
وقال الفراء وأبو عبيد: معناهما حققا لم يدخل الألف واللام، كما يقال: الحمد لله وأحمد الله، هما بمعنى واحد.
وقرأ طلحة بن مصرف: فالحق والحق بالكسر فهما على القسم.
وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول: سمعت أبا بكر بن عبدش يقول: هو مردود إلى ماقبله ومجازه: فبعزتك وبالحق والحق قال الله سبحانه: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ} أيّ من نفسك وذريتك {وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} أيّ على تبليغ الوحي، كناية عن غير مذكور {مِنْ أَجْرٍ} قال الحسين بن الفضل: هذه الآية ناسخة لقوله: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المودة فِي القربى} [الشورى: 23].
{وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين} المتقولين القرآن من تلقاء نفسي.
أخبرنا ابن فنجويه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق البستي قال:
حدثنا أحمد بن عمير بن يوسف قال: حدثنا محمّد بن عوف قال: حدثنا محمّد بن المصفى قال: حدثنا حنوة بن سريج بن يزيد قال: حدثنا أُرطاة بن المنذر عن ضمرة بن حبيب عن سلمة بن مقبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه، ويتعاطى مالا ينال، ويقول فيما لا يعلم».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدثني السنّي قال: حدثني عبد الله بن محمّد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر الضبي عن وائل بن داود عن يزيد البهي عن الزبير بن العوام قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أغفر للذين يدعون أموات امتي ولا يتكلفون إلاّ أني بريء من التكلف وصالحوا أمتي».
وأخبرني الحسين قال: حدثنا ابن شيبة قال: حدثنا عبد الله بن محمّد بن وهب قال: حدثنا إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي ببيت المقدس قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم بن........ علية الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس من أتاه الله عزّ وجلّ علمًا فليتق الله وليعلّمه الناس ولا يكتمه، فإنه من كتم علمًا يعلمه كان كمن كتم ما أنزل الله تعالى على نبيّه وأمره أن يعلمه الناس، ومن لم يعلم فليسكت وإياه أن يقول مالا يعلم فيهلك ويصير من المتكلفين ويمرق من الدين، وأن الله عزّ وجلّ قال: {قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين} من أَفتى بغير السنّة فعليه الأثم.
وأخبرني الحسن قال: حدثنا السنيّ قال: أخبرنا أبو خليفة قال: حدثنا محمّد بن خبير العبدي قال: أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال: يا أيها الناس من علم شيئًا فليقل به ومن لم يعلم شيئًا فليقل الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لايعلم: الله أعلم وأن الله عزّ وجلّ قال لنبيّه: {قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ المتكلفين} {إِنْ هُوَ} ماهو يعني القرآن {إِلاَّ ذِكْرٌ} عظة {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ}.
قال قتادة: يعني بعد الموت.
وابن عبّاس: يعني يوم القيامة. اهـ.

.قال الزمخشري:

.[سورة ص: الآيات 45- 47]:

{وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47)}.
{إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ} عطف بيان ل {عبادنا} ومن قرأ: {عبدنا} جعل إبراهيم وحده عطف بيان له، ثم عطف ذريته على عبدنا، وهي إسحاق ويعقوب، كقراءة ابن عباس: {وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق}. لما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدى غلبت، فقيل في كل عمل هذا مما عملت أيديهم، وإن كان عملا لا يتأتى فيه المباشرة بالأيدى. أو كان العمال جذما لا أيدي لهم، وعلى ذلك ورد قوله عز وعلا {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ} يريد: أولى الأعمال والفكر، كأن الذين لا يعملون أعمال الآخرة، ولا يجاهدون في اللّه، ولا يفكرون أفكار ذوى الديانات ولا يستبصرون في حكم الزمنى الذين لا يقدرون على أعمال جوارحهم والمسلوبى العقول الذين لا استبصار بهم. وفيه تعريض بكل من لم يكن من عمال اللّه، ولا من المستبصرين في دين اللّه، وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع كونهم متمكنين منهما. وقرئ: {أولى الأيادى} على جمع الجمع. وفي قراءة ابن مسعود: {أولى الأيد} على طرح الياء والاكتفاء بالكسرة. وتفسيره بالأيد- من التأييد-: قلق غير متمكن {أَخْلَصْناهُمْ} جعلناهم خالصين بِخالِصَةٍ بخصلة خالصة لا شوب فيها، ثم فسرها بذكرى الدار، شهادة لذكرى الدار بالخلوص والصفاء وانتفاء الكدورة عنها. وقرئ على الإضافة. والمعنى: بما خلص من ذكرى الدار، على أنهم لا يشوبون ذكرى الدار بهمّ آخر، إنما همهم ذكرى الدار لا غير. ومعنى ذِكْرَى الدَّارِ: ذكراهم الآخرة دائبا، ونسيانهم اليها ذكر الدنيا. أو تذكيرهم الآخرة وترغيبهم فيها، وتزهيدهم في الدنيا، كما هو شأن الأنبياء وديدنهم. وقيل. ذكرى الدار. الثناء الجميل في الدنيا ولسان الصدق الذي ليس لغيرهم. فإن قلت: ما معنى {أَخْلَصْناهُمْ} بِخالِصَةٍ؟ قلت: معناه: أخلصناهم بسبب هذه الخصلة، وبأنهم من أهلها. أو أخلصناهم بتوفيقهم لها، واللطف بهم في اختيارها، وتعضد الأوّل قراءة من قرأ: {بخالصتهم}.
{الْمُصْطَفَيْنَ} المختارين من أبناء جنسهم. و{الْأَخْيارِ} جمع خير، أو خير، على التخفيف، كالأموات في جمع ميت أو ميت.

.[سورة ص: آية 48]:

{وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (48)}.
{وَالْيَسَعَ} كأن حرف التعريف دخل على يسع. وقرئ: {والليسع} كأن حرف التعريف دخل على ليسع، فيعل من اللسع. والتنوين في {وَكُلٌّ} عوض من المضاف إليه، ومعناه: وكلهم من الأخيار.

.[سورة ص: الآيات 49- 52]:

{هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52)}.
{هذا ذِكْرُ} أي: هذا نوع من الذكر وهو القرآن. لما أجرى ذكر الأنبياء وأتمه، وهو باب من أبواب التنزيل؛ ونوع من أنواعه، وأراد أن يذكر على عقبه باباً آخر، وهو ذكر الجنة وأهلها. قال: هذا ذكر، ثم قال: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ} كما يقول الجاحظ في كتبه: فهذا باب، ثم شرع في باب آخر، ويقول الكاتب إذا فرغ من فصل من كتابه وأراد الشروع في آخر: هذا وقد كان كيت وكيت؛ والدليل عليه: أنه لما أتمّ ذكر أهل الجنة وأراد أن يعقبه بذكر أهل النار. قال: {هذا وإن للطاغين}. وقيل: معناه هذا شرف وذكر جميل ويذكرون به أبداً. وعن ابن عباس رضي الله عنه: هذا ذكر من مضى من الأنبياء {جنات عَدْنٍ} معرفة لقوله: {جنات عَدْنٍ التي وَعَدَ الرحمن} [مريم: 61] وانتصابها على أنها عطف بيان لحسن مآب. و{مُّفَتَّحَةً} حال، والعامل فيها ما في {للمتقين} من معنى الفعل. وفي {مُّفَتَّحَةً} ضمير الجنات، والأبواب بدل من الضمير، تقديره: مفتحة هي الأبواب، كقولهم: ضرب زيد اليد والرجل، وهو من بدل الاشتمال. وقرئ: {جنات عدن مفتحة} بالرفع، على أن جنات عدن مبتدأ، ومفتحة خبره. أو كلاهما خبر مبتدأ محذوف، أي هو جنات عدن هي مفتحة لهم؛ كأن اللدات سمين أتراباً، لأن التراب مسهن في وقت واحد، وإنما جعلن على سنّ واحدة، لأنّ التحاب بين الأقران أثبت. وقيل: هنّ أتراب لأزواجهنّ، أسنانهنّ كأسنانهم.